الدولة العميقة- وهم أم واقع في السياسة الإقليمية والدولية؟
المؤلف: عقل العقل08.19.2025

الدولة العميقة، بنظر البعض، ليست سوى أداة من أدوات نظرية المؤامرة، تجسد دولة موازية وخفية للدولة الرسمية المعلنة. هذه الدولة المستترة تمتلك أدواتها الخاصة، كأجهزة الجيش والأمن، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية، التي تسعى جاهدة لرعاية مصالح الدولة بغض النظر عن هوية الحزب أو الرئيس الفائز في الانتخابات. ظهر مفهوم هذه الدولة العميقة في تسعينيات القرن الماضي في تركيا، على يد مجموعة من ضباط الجيش الذين سعوا للحفاظ على علمانية الدولة وفقًا لرؤية مؤسس تركيا الحديثة، كمال أتاتورك.
في ثقافتنا السياسية السائدة في المنطقة، ينتشر ويتردد هذا المفهوم على ألسنة المحللين في مختلف وسائل الإعلام. في أغلب الأحيان، يكون الاعتماد على هذا المفهوم نابعًا من ضعف الأدوات المتاحة لفهم الأحداث الجارية في منطقتنا. غالبًا ما يُستخدم مفهوم الدولة العميقة والمؤامرة كأداة سهلة لتفسير الواقع، ويجد صدى واسعًا واستجابة كبيرة من غالبية شعوب المنطقة. بعض الأحداث الأخيرة تعزز هذا التوجه، كما رأينا في منطقتنا في الأسابيع والأشهر الأخيرة، حيث تم حل مشاكل مستمرة لعقود في غضون أيام قليلة، دون تقديم أدلة واضحة عن الفاعلين الحقيقيين وراء هذه الأزمات. ما حدث في سوريا خلال أسبوع واحد، من اقتلاع نظام قاتل وإحلال مجموعات غير متجانسة محله، بعضها مصنف على قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية، يصب في صلب ما أتحدث عنه. في العقود الماضية، كنا نعتقد أن الإدارة الخاسرة في أمريكا، على سبيل المثال، قد تورط الإدارة القادمة في قضايا خارجية، وذلك من باب المناكفات الحزبية الضيقة، كما حدث في أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في طهران في بداية الثورة الإيرانية، الأمر الذي أدى بشكل غير مباشر إلى هزيمة جيمي كارتر في تلك الانتخابات وفوز الجمهوري رونالد ريغان، وإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في يوم أداء وتنصيب ريغان.
ما نشهده اليوم في قضية الحرب المستمرة على غزة منذ خمسة عشر شهرًا، والتي وصلت إلى طريق مسدود من قبل الإدارة الأمريكية، أو عدم جديتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار وعودة المختطفين الإسرائيليين، يكشف أن أمريكا لها مصالحها الاستراتيجية، سواء كان بايدن أو ترمب في البيت الأبيض. يرى البعض أن ترمب يمتلك عصا سحرية لحل مشاكل العالم العالقة، بدءًا من الحرب في أوكرانيا والملف النووي الإيراني، وصولًا إلى قضايا العلاقات مع أوروبا، على سبيل المثال. لكنني أعتقد أن هالة وصوله تُستغل من قبل جميع الأطراف الأمريكية لتحقيق مصالح عليا لأمريكا، بعيدًا عن الحزب الحاكم. أرى أن مثل هذه الضغوط والتهويل والتخويف أساليب مشروعة ومجربة في السياسة وليست جديدة بالمرة، وقد يكون لشخصية الرئيس ترمب دور في هذا التضخيم. فتصريحاته بشأن شراء غرينلاند أو اندماج كندا في الولايات المتحدة الأمريكية تصب في هذا السياق الترامبي، الذي يتصاعد في خطابه السياسي، ويؤكد أن بلاده لن تدخل في حروب عسكرية لتحقيق أهدافها، كما ينادي بذلك. فالاقتصاد هو ملفه الرئيسي في كل وعوده وحروبه القادمة. ولنا في وقوفه إلى جانب قضية التوك توك وحظرها في أمريكا، وإمكانية إصداره أمرًا تنفيذيًا لعدم الحظر، دلالة واضحة على ما تفكر فيه أمريكا المؤسسات الاقتصادية الجبارة، ذات التأثير الواضح على الحكومة المنتخبة من خلال جماعات الضغط المشرعة هناك، مما يؤكد قوة تأثير هذه المؤسسات على القرارات السياسية والاقتصادية في البلاد.
في ثقافتنا السياسية السائدة في المنطقة، ينتشر ويتردد هذا المفهوم على ألسنة المحللين في مختلف وسائل الإعلام. في أغلب الأحيان، يكون الاعتماد على هذا المفهوم نابعًا من ضعف الأدوات المتاحة لفهم الأحداث الجارية في منطقتنا. غالبًا ما يُستخدم مفهوم الدولة العميقة والمؤامرة كأداة سهلة لتفسير الواقع، ويجد صدى واسعًا واستجابة كبيرة من غالبية شعوب المنطقة. بعض الأحداث الأخيرة تعزز هذا التوجه، كما رأينا في منطقتنا في الأسابيع والأشهر الأخيرة، حيث تم حل مشاكل مستمرة لعقود في غضون أيام قليلة، دون تقديم أدلة واضحة عن الفاعلين الحقيقيين وراء هذه الأزمات. ما حدث في سوريا خلال أسبوع واحد، من اقتلاع نظام قاتل وإحلال مجموعات غير متجانسة محله، بعضها مصنف على قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية، يصب في صلب ما أتحدث عنه. في العقود الماضية، كنا نعتقد أن الإدارة الخاسرة في أمريكا، على سبيل المثال، قد تورط الإدارة القادمة في قضايا خارجية، وذلك من باب المناكفات الحزبية الضيقة، كما حدث في أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في طهران في بداية الثورة الإيرانية، الأمر الذي أدى بشكل غير مباشر إلى هزيمة جيمي كارتر في تلك الانتخابات وفوز الجمهوري رونالد ريغان، وإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في يوم أداء وتنصيب ريغان.
ما نشهده اليوم في قضية الحرب المستمرة على غزة منذ خمسة عشر شهرًا، والتي وصلت إلى طريق مسدود من قبل الإدارة الأمريكية، أو عدم جديتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار وعودة المختطفين الإسرائيليين، يكشف أن أمريكا لها مصالحها الاستراتيجية، سواء كان بايدن أو ترمب في البيت الأبيض. يرى البعض أن ترمب يمتلك عصا سحرية لحل مشاكل العالم العالقة، بدءًا من الحرب في أوكرانيا والملف النووي الإيراني، وصولًا إلى قضايا العلاقات مع أوروبا، على سبيل المثال. لكنني أعتقد أن هالة وصوله تُستغل من قبل جميع الأطراف الأمريكية لتحقيق مصالح عليا لأمريكا، بعيدًا عن الحزب الحاكم. أرى أن مثل هذه الضغوط والتهويل والتخويف أساليب مشروعة ومجربة في السياسة وليست جديدة بالمرة، وقد يكون لشخصية الرئيس ترمب دور في هذا التضخيم. فتصريحاته بشأن شراء غرينلاند أو اندماج كندا في الولايات المتحدة الأمريكية تصب في هذا السياق الترامبي، الذي يتصاعد في خطابه السياسي، ويؤكد أن بلاده لن تدخل في حروب عسكرية لتحقيق أهدافها، كما ينادي بذلك. فالاقتصاد هو ملفه الرئيسي في كل وعوده وحروبه القادمة. ولنا في وقوفه إلى جانب قضية التوك توك وحظرها في أمريكا، وإمكانية إصداره أمرًا تنفيذيًا لعدم الحظر، دلالة واضحة على ما تفكر فيه أمريكا المؤسسات الاقتصادية الجبارة، ذات التأثير الواضح على الحكومة المنتخبة من خلال جماعات الضغط المشرعة هناك، مما يؤكد قوة تأثير هذه المؤسسات على القرارات السياسية والاقتصادية في البلاد.